الدولة بمفهومها العام: هي الكيان القائم على عناصر ثلاثة هي الإقليم والشعب والسلطة صاحبة السيادة. أما الدستور: فهو القواعد القانونية التي تسنها السلطة التشريعية (البرلمان، المجلس الوطني، مجلس الأمة........الخ) والذي يعد القانون الرئيس الذي يجب أن لا تتعارض معه القوانين الفرعية الأخرى.
وبمعني آخر؛ الدستور هو الوثيقة التي تنص على القواعد العامة والمبادئ الأساسية التي تحدد شكل النظام السياسي، وتحدد الحقوق والحريات العامة للمواطن، وتتعرض إلى واجبات رئيس الدولة وتكوين السلطات الثلاث، فأنها أيضا ترسم وتحدد العلاقات بين الدولة والمجتمع وبين مؤسسات الدولة(1)، وهو قمة النظام القانوني في أي دولة ولا يتصور وجود قاعدة قانونية تسمو على الدستور وإنما العكس، بمعنى سمو الدستور على كل القواعد القانونية الأخرى.
ولا يعمل الدستور والقانون بطريق خارق للعادة ولا تنظم العلاقات بين أفراد المجتمع أو بين الفرد والحكومة بصورة تلقائية، بل إن تطبيق الدستور والقوانين يتطلب قوة شرعية تعمل على صيانته واحترامه وكذلك احترام القوانين المتفرعة منه، ومن بين تلك القوى المؤسسات الرقابية البرلمان باعتباره هيئة تشريعية ورقابية بالإضافة إلى المؤسسة الإعلامية التي تشمل كل وسائل الإعلام (المقروء والمسموع والمرئية) ومنظمات المجتمع المدني، والتي تعمل على ملاحقة القائمين على تنفيذ القوانين وتسجيل الأخطاء التي يرتكبونها وفضحهم أمام الرأي العام والجهات المسئولة بحيث يشعر الكبير قبل الصغير بأنه تحت رقابة كاملة من جميع أفراد المجتمع والسلطات المختصة قضائياً، وبدون التنفيذ الصحيح للمواد الدستورية والرقابة الكاملة والجيدة لتلك المواد القانونية يصبح مجرد وثيقة شكلية لا يخرج من معنى الحبر على الورق.
وتؤكد أغلب دساتير العالم على أهمية الفصل بين السلطات كمبدأ أساسي لا يمكن الحياد عنه فيما أذا أراد المتصدون لبناء دولة القانون على أساس مؤسساتي ديمقراطي يخدم المجتمع، ولا يسمح للفرد بالتسلط والتفرد باتخاذ القرار والانقلاب على شرعية الحكم، وهذا المبدأ يجعل للقضاء هيبة وسطوة ويضع الجميع تحت طائلة القانون.
1- لدستورية الدولة وسيادة القانون وسلطة القضاء أهمية اجتماعية وإنسانية ملحة لأن الدولة الحديثة والديموقراطية تتدخل في تنظيم تفاصيل الحياة اليومية لصالح مواطنيها والتي تتمثل بالخدمات بكافة أشكالها وصورها بحكم دورها في تسيير شؤون الدولة والمجتمع طبقا للقوانين والسياسات التي تعهدت بها الأحزاب المشكلة للسلطة سواء في البرلمان أو الحكومة، وفي حال تخلي الدولة عن مسئولياتها في تنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والخدمية للمجتمع، فستحل الفوضى محل النظام وبذلك تضيع حقوق الأفراد وبخاصة الضعفاء منهم، وهو الحال الذي يعاني منه المجتمع في الدول ذات النظم الاستبدادية والتي لا تحترم القوانين ولا الأنظمة ولا تراعي مبدأ الفصل بين السلطات، إذ تجعل السلطة التنفيذية أو الحاكمة هي أعلى سلطة في المجتمع.
2- كما إنها ضرورة عصرية وحضارية لأنها تحمي مصالح المجتمع بصورة دائمة، والمصالح لا يمكن المحافظة عليها وتنميتها إلا اذا ساد القانون واستقل القضاء، وهذا ما تعمل عليه أنظمة البلدان المتقدمة في العالم، في جعل القضاء هو صاحب الفصل والكلمة الأخيرة في جميع النزاعات سواء تلك التي تحدث بين الأفراد أنفسهم أم تلك التي تحدث بين الأفراد والحكومة.
4- وفي دولة القانون أيضاً تنتفي حاجة المواطن لصاحب النفوذ أو السياسي أو المسؤول في الحكومة لأنه سوف يحصل على حقه سواء كان على علاقة بأحد المسؤولين أو المتنفذين في دوائر الدولة ومؤسساتها أم لا، كون الجميع سواسية أمام سلطة القانون، وهذا ما نشاهده في الدول المستقرة دستورياً وقانونياً والتي تحترم مجريات القانون والعدالة ولا تتدخل في شؤون القضاء، وبذلك يصبح السياسي هو صاحب الحاجة لأفراد المجتمع في عرض خدماته عليهم من اجل جني أصواتهم التي تصل به الى أهدافه السياسية دون حاجة المواطن إليه باعتبار إن حق المواطن مكفول دستوريا وقانونياً.
وهكذا نستطيع أن نقول إن سيادة القانون تعني أن ارادات الإفراد – مهما علوا في مدارج السلطة- هي ارادات محكومة، بنصوص القانون وتصرفاتهم خاضعة لسلطة القضاء.
أهمية دستورية الدولة وسيادة القانون(:الدولة الدستورية)
سيادة القانون تعني أن القاعدة القانونية تأتى فوق إرادات الإفراد جميعا حاكمين أو محكومين وتلزمهم جميعا باتباع أحكامها، فان لم يلتزموا – خاصة الحكام – بالقاعدة القانونية انقلب تصرفهم المخالف للقانون إلى تصرف باطل وغير قانوني، وتكمن أهمية سيادة القانون فيما يلي:
3- أما بالنسبة لأهميتها في الحفاظ على الموارد المالية ففي دولة القانون يتم الإعلان عن تلك الموارد بكل دقة ووضوح، حيث يتم التعرف على ميزانية الدولة لكل سنة عن طريق عرضها أمام وسائل الإعلام وتفصيل كيفية صرف تلك الميزانية والمشاريع التي تستثمر فيها كي يتسنى للمواطن معرفة ثرواته المالية، وهذا من شأنه أن يحد وبصورة كبيرة من تلاعب السلطة الحاكمة أو من يرتبط بها بالإثراء على حساب أموال وموارد الدولة وبالتالي يتم الحفاظ على الأموال العامة.
